الطفل العربي بين الخط والحظ

الطفل العربي بين الخط والحظ
د.دلال عبدالحليم الفاعوري

تسير الحياة على خطوط بعضها مستقيم وأخرى متعرج وثالثة صاعدة أو هابطة ، وبين هذه الخطوط … حظوظ للسائرين عليها  فمن سار بحظه الجميل على الخط وصل إلى مبتغاه أو أوصله الحظ الى ما يسعده.. فأين أبناؤنا السائرون على خطوط ضبابية الوصف ، فليست هي خطوط مستقيمة و ليست متعرجة بوضوح وليست هي واضحة الارتفاع فبعضهم ولد لأبوين ميسوري الحال ، كانت تغمر هذه الفئة ليست سعادة واحدة بل سعادات توحي بمستقبل زاهر .. فإذا بالعواصف السياسية تقذف بحممها مناطق سكنية مدنية تقتل صغارا و تلحقهم أحيانا بكبار تركوا وراءهم صغارا في السن ، فإذا بالخطوط الحياتية لهذه الفئة تصعد بهم إلى الأسفل بعد غياب الصعود الى الأعلى بتغييب القدر لوالدين كانا يحنوان على أناجالهما فضاعت هذه الأنجال ، فلا هي تدري ماذا تأكل ولا هي عالمة من أين سيأتي الطعام فبات كثيرون من هؤلاء الأطفال جياعا ولأيام متتالية … و ليت الأمر بقي عند هذا الحد بل ان الموت بدأ و أمسى يلاحقهم ليخرجوا …. عن كل مألوف و معروف من ضرورات الحياة فلا هم قد بقيوا في منازلهم ولا هم قد ملؤوا أمعاءهم للبقاء على قد الحياة و لا سمعوا بعض كلمات الحنان من الأبوين حتى خرجت الأمور عن معاييرها فوجد العالم أطفالا مشردين من غير ذويهم فلا يعرف اليتيم من غيره، من الأطفال فالكل تحت مظلة القهر والعنف والجوع .. فأين الحظ من الخط ؟!

فهل بقيت لهؤلاء الأطفال خطوط  للحياة يسيرون عليها بعد ان ذابت حظوظهم في أفق السماء .. بل أكاد أقول ان هذه الحظوظ قد غاصت في بواطن الأرض ، فأين دورنا نحن الذين نعي هذه المأساة حجماً وكماً ونوعا بعد ما رأينا عبر وسائط الإعلام المتمثلة في هذا الكم من الفضائيات التي تجيد وصف المآسي فقط .

رأيت أن ألفت النظر إلى العمل الذي يتطلبه ظرف هؤلاء الأطفال بعيدا عن تحقيق أمجاد فردية و غزو  صفحات البطولات الوهمية ذلك أن من طبع البشر تحقيق منافع في هذه الدنيا بأي أفعال حتى الخير منها .. أما رعاية اليتيم ونقله من الخط الأسود الى الحظ الأبيض فهو ما يرتب ضرورة نقائه من منفعة دنيوية وإبقائه خالصاً لوجه الله الذي أمرنا ان نكون لطفاء مع من فقدوا ذويهم فلا ننهرهم  ان سألونا عونا أو نقهر هم لغياب من يحنو عليهم قال تعالى ( وأما اليتيم فلا تقهر و أما السائل فلا تنهر ) صدق الله العظيم .

فاليتم سائل للعطف وليس كل سائل يتيم هذه مشيئة الله نقبلها على ما يبدو لنا من قسوتها وإن كانت بين ثناياها اختبارات لنا لكشف مصداقيتنا معه وهو رب الأرباب فإلى من آتاه الله قدرة على العون ان لا يبخل ببعضه على من يحتاج هذا العون فلنكن من أصحاب الحظوظ الذين ينجحون في تبييض الخطوط السوداء عله سبحانه وتعالى يرحمنا و يجنبنا السير على هذه الخطوط السوداء ويبقينا من أصحاب الحظوظ البيضاء إنه نعم المولى ونعم المصير و الصلاة و السلام على سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه الصلاة والسلام

أكتوبر 8, 2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *